عن الفضل بن الربيع حاجب هارون الرشيد قال :
أرسل إلي هارون الرشيد ذات ليلة فحضرت اليه فلما دخلت عليه قال : يا فضل :
فقلت : لبيك يا أمير المؤمنين
فقال : علي بهذا الحجازي يعني الشافعي ـ رضي الله عنه ـ وهو مغضب الساعة الساعة .
فخرجت وبي من الغم والحزن ما لا يوصف لمحبتي للشافعي لفصاحته وبراعته وبلاغته وعقله فجئت إلى بابه .
فأمرت من دق عليه الباب فتنحنح فعلمت أنه يصلي فوقفت حتى فرغ من صلاته وفتح الباب فسلمت عليه .
وقلت له أجب أمير المؤمنين فقال سمعا وطاعة وجدد الوضوء وارتدى وركع ركعتين وخرج يمشي فمن شفقتي عليه قلت يا أبا عبد الله : قف لتستريح بينما أستأذن.
فدخلت على أمير المؤمنين فإذا هو على حاله في غضبه فلما رآني قال أين الحجازي؟
قلت عند الستر فقال مره بالدخول فجئت اليه وامرته بالدخول .
فدخل يمشي مطمئنا غير فزع ولا خائف ولا قلق ولا منزعج ثم بدأ يحرك شفتيه ووجهه مستنير .
فلما دخل وبصر به أمير المؤمنين قام إليه قائما واستقبله واعتنقه وجعل يفبل بين عينيه وهش به وبش .
وقال مرحبا بأبي عبد الله لم لا تزورنا وتكون عندنا فإني إليك مشتاق وأجلسه مكانه وقعد إلى جانبه وتحدث معه ساعة .
ثم أمر له ببدرة من ذهب فقال الشافعي لا أرب لي فيه فسأله أن يقبله فقبله غير مكترث به (( يعني ما همه )).
ثم أمرني أن أرده إلى داره وأن تحمل البدرة بين يديه فلما خرجنا جعل يعطي كل من رآه وكل من سأله يمينا وشمالا حتى وصل إلى المنزل وما معه منها شيء .
فلما دخل منزله واطمأن به الجلوس قعدت بين يديه وقلت له يا أبا عبد الله قد عرفت محبتي لك وشفقتي عليك وإني شاهدت غضب أمير المؤمنين في ابتداء طلبه
إياك .
ثم لما دخلت عليه رأيت منه من التواضع والتودد والاجلال والاكرام لك ما سرني وكنت رأيتك حركت شفتيك عند دخولك عليه .
فبالذي سكن غضبه عليك وسخره لك إلا ما علمتني ما كنت تقول في دخولك معي
عليه.
فقال حدثني نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأه يوم الاحزاب فهزمهم الله ونصرهم على عدوهم .
وهو هذا :
(( شهد الله أنه لا اله إلا هو والملائكة وألوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام )) ثم قال وأنا أشهد بما شهد به الله وأستودع الله هذه الشهادة وهذه الشهادة وديعة لي عند الله إلى يوم القيامة .
اللهم إني أعوذ بنور قدسك وعظيم و بركتك طهارتك وعظيم جلالتك من كل آفة وعاهة .
ومن طوارق الليل والنهار من الجن والانس إلا طارقا يطرق بخير
يا رحمن .
اللهم انت غياثي فبك استغيث وانت ملاذي فبك الوذ وانت عياذي فبك اعوذ يامن ذلت له رقاب الجبابرة وخضعت له أعناق الفراعنة .
اعوذ بك من خزيك ومن كشف سترك ومن نسيان ذكرك والانصراف
عن شكرك .
انا في حرزك وتحت كنفك ليلي ونهاري ونومي وقراري وظعني واسفاري وحركاتي وسكناتي وحياتي ومماتي وجميع ساعاتي وأوقاتي .
ذكرك شعاري وثناؤك دثاري أشهد أن لا إله إلا أنت ولا إله غيرك ولا معبود
سواك.
سبحانك وبحمدك تشريفا لعظمتك وتكريما لسبحات وجهك وإقرارا بصمدانيتك
واعترافا بوحدانيتك وتنزيها لك عما يقول الكافرون والظالمون والجاحدون تعاليت عن ذلك علوا كبيرا .
اللهم أجرني من خزيك ومن شر عبادك واضرب علي سرادقات حفظك وادخلني في حفظك وعنايتك وجد علي منك بخير يا ارحم الراحمين .
الهي كيف اخاف وانت املي أم كيف أضام وعليك توكلي أم كيف أقهر وانت عمادي أم كيف أغلب وعليك في كل الأمور اعتمادي ضربت وجه كل حاسد حسد وراصد رصد وظالم كند , بــ (( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )) .. انتهى